-{ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ}
اللمز: كالغمز في الوجه تلمزه بفيك بكلام خفيٍّ ومنه قوله تعالى {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} التوبة 58 يعني يحرك شفتيه ... ورجل لُمزة...يعني يعيبك بالغيب, وقال الزّجاج… الهمزة اللمزة: الذي يغتاب الناس ويغضُّهم والأصل في الهمز واللمز… الدفع قال الكسائي همزته ولمزته ولهزته يعني دفعته واللمز: هو العيب في الوجه… وأصله الإشارة بالعين والشفة مع كلام خفيّ ومنه قوله تعالى {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} التوبة79 ومنه قوله تعالى {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ }الهمزة 1 قال ابن عباس: هم المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة, الباغون للبرآء بالعيب وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم( شرار عباد الله تعالى المشاؤون بالنميمة, المفسدون بين الأحبة, الباغون للبرآء بالعيب) ومنه قول حسان بن ثابت:-
مجللة تُعَممُّهُ شناراً
مَضَّرمة تأجَّجُ كالشواظ
كهمزة ضيغمٍ يحمي عريناً
شديد مغارز الأضلاع حاظي
إن الهمز واللمز بالمجمل هو أن يعيب الإنسان أخاه بوجهه بكلام ولو خفي أو سعيّ بنميمة , ورب لمز خفي أشد من طعن صريح وأعمق جرماً في داخل النفس لأن فيه بالإضافة إلى الطعن والتجريح بالعيب معنى استغباء الملموز واستغفاله فكأن اللامز يُشعر الذين في المجلس أن الملموز غبيٌّ لا ينتبه إلى الطعن الذي يوجه ضده في رمز الكلام
واللمز آفة وقبيحة اجتماعية تورث الأحقاد والضغائن وتقطع أواصر الأخوة الإيمانية وهو ظلم من الإنسان وعدوان على حق غيره, إذ أن من حق المؤمن على أخيه أن يستر عيوبه لا أن ينشرها, فإذا كان العيب نقيصة إرادية فدور المؤمن أن يكون ناصحاً لأخيه لا فاضحاً ولا ناشراً لعيوبه لا بصريح اللفظ ولا برمزه ومعاريضه ودلالاته المغلفة
وفي النهي عن اللمز قال الله تعالى {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ}ولم يقل ولا يلمز بعضكم بعضاً… لأن المجتمع الإسلامي في مفهوم الإسلام بمثابة الجسد الواحد فكان من يلمز أخاه المسلم بمثابة من يلمز نفسه,
ومن يلمز غيره يعّرض نفسه للإنتقام منه باللمز , فهو إذ يلمز الناس يتسبب في أن يلمزوه فكأنه لمز نفسه وصدق الشاعر
لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسنُ